للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ظهرت هذه النار سنة (٦٥٤ هـ)، وكانت نارًا عظيمة أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها، ومن بعدهم في وصفها، قال النووي: "خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وست مئة، وكانت نارًا عظيمة جدًّا من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة" (١).

لكن القرطبي -رحمه الله- في شرحه لهذا الحدث لم يذكر هذا الحديث، وإن كان عاصره في آخر عمره، إذ خرجت هذه النار قبل وفاته بسنتين وخمسة أشهر، ويبعد أن لا يسمع بها طوال هذه المدة، لكن الذي يظهر أنه قد فرغ من تأليف المفهم قبل خروجها، لذا جعل هذه النار هي النار التي تسوق الناس إلى المحشر. حيث قال: "قوله: "تضيء أعناق الإبل ببصرى" أي: تكشف بضوئها أعناق الإبل ببصرى، وهي بالشام، فيضيء -والله تعالى أعلم- أن هذه النار الخارجة من قعر عدن تمر بأرض الحجاز مقبلة على الشام، فإذا قاربت الشام أضاءت ما بينها وبين بصرى، حتى ترى بسبب ضوئها أعناق الإبل" (٢).

وقد ذكر هذه النار وأفاض في وصفها تلميذه القرطبي في كتابه "التذكرة" (٣).

[٣ - رفع العلم وظهور الجهل]

قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ... " (٤).


(١) شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٢٤٢).
(٢) المفهم (٧/ ٢٤١).
(٣) التذكرة ص (٧٢١).
(٤) رواه البخاري في كتاب العلم، باب رفع العلم وظهور الجهل ح ٨٠ (١/ ٢١٣)، ومسلم في=

<<  <   >  >>