للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما جاءوا إلى مسألة القدر، وأفعال العباد، واعتقدوا أنها مفعولة لله قالوا: هي فعله، لأن الفعل عندهم هو المفعول فقيل لهم في ذلك: أهي فعل العبد؟ فاضطربوا في الإجابة (١).

قال -رحمه الله-: "والتحقيق الذي عليه أئمة السنة، وجمهور الأمة من الفرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق، فأفعال العباد هي كغيرها من الحدثان مخلوقة مفعوله لله كما أن نفس العبد وسائر صفاته مخلوقة مفعولة لله، وليس ذلك نفس خلقه وفعله بل هي مخلوقة ومفعولة، وهذه الأفعال هي فعل العبد القائم به ليست قائمة بالله، ولا يتصف بها فإنه لا يتصف بمخلوقاته ومفعولاته، وإنما يتصف بخلقه، وفعله كما يتصف بسائر ما يقوم بذاته، والعبد فاعل لهذه الأفعال، وهو المتصف بها وله قدرة عليها، وهو فاعلها باختياره ومشيئته وذلك كله مخلوق لله فهي فعل العبد، وهي مفعول الرب" (٢).

[المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله]

الله سبحانه وتعالى حكيم لا يفعل جل وعلا عبثًا، ولا بغير معنى ومصلحة وحكمة، فأفعاله تعالى صادرة عن حكمة بالغة. قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} (٣) وقال تعالى: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥)} (٤)، فالله سبحانه وتعالى أنكر أن يسوى بين المختلفين أو يفرق بين المتماثلين فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)} (٥)، وقال


(١) انظر الفتاوى (٢/ ١١٩).
(٢) المرجع السابق.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ١١٥.
(٤) سورة القمر، الآية: ٥.
(٥) سورة القلم، الآية: ٣٥.

<<  <   >  >>