للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له لأن التفسح في المجلس مأمور به مندوب إليه، لكن منعه من ذلك الحياء، فجلس خلف الصف الأول، ففاتته تضيلة التقدم، لكن جازاه الله على إصغائه واستحيائه بأن لا يعذبه، وبأن يكرمه ... واستحياء الله تعالى معناه في حقه: أنه يعامل عبيده بما يعامل بها من يستحيي منه من المغفرة والكرامة" (١).

وقال في موضع آخر: "أصل الحياء: انقباض واحتشام يجده الإنسان عندما يُطلع منه على مستقبح وهو في حق الله تعالى عبارة عن الامتناع عن مثل ذلك الفعل المستحيا منه" (٢).

وقد ردَّ الشيخ ابن باز -رحمه الله- على من أوَّل هذه الصفة فقال: "الصواب أنه لا حاجة إلى التأويل مطلقًا، فإن الله يوصف بالحياء الذي يليق به، ولا يشابه فيه خلقه، كسائر صفاته، وقد ورد وصفه بذلك في نصوص كثيرة فوجب إثباته له على الوجه الذي يليق به. وهذا قول أهل السنة في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة وهو طريق النجاة فتنبه واحذر والله أعلم" (٣).

[صفة الإعراض]

الإعراض من صفات الله تعالى الفعلية الاختيارية التي جاءت على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- في قصة الثلاثة الذين أقبلوا عليه وهو جالسٌ مع أصحابه، فأقبل اثنان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذهب واحد، فقال -صلى الله عليه وسلم-: " ... وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه" (٤)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أيُّكم يحب أن


(١) المفهم (٥/ ٥٠٨).
(٢) المفهم (١/ ٥٦٨).
(٣) فتح الباري (١/ ٤٦٣) الهامش.
(٤) سبق تخريجه ص (٥٩٤).

<<  <   >  >>