للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمع دعاءهم وسمع نجواهم كما قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} (١) أي تشتكي إليه وهو يسمع التحاور- والتحاور تراجع الكلام - بينها وبين الرسول - عليه السلام - فالله تعالى إذا خلق العباد وعملوا وقالوا: فإما أن نقول إنه يسمع أقوالهم ويرى أعمالهم، وإما لا يرى ولا يسمع فإن نفى ذلك فهو تعطيل لهاتين الصفتين وتكذيب للقرآن، وهما صفتا كمال لا نقص فيه" (٢).

"فأهل السنة والجماعة يثبتون لله سمعًا وبصرًا أزليين يسمع ويبصر بهما كل مسموع وكل مبصر عند حدوثه وهذا هو الحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة ويقبله العقل السليم" (٣).

[صفة العلو]

علو الله تعالى من أعظم صفاته التي تضافرت على إثباتها الأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة. إلَّا أن آثار علم الكلام الذي شوَّه صفاء العقيدة وغير سلامة الفطرة جعل بعض من ركب علم الكلام وخاض في هذه الأوهام ينكر علو الله تعالى، ويصرف ما جاء في ذلك من النصوص إلى علو القهر أو الشأن.

وهذا ما ذهب إليه القرطبي والمازري تبعًا لمتأخري الأشاعرة في نفيهم لعلو الله تعالى. ولا شك أن الكتاب والسنة والعقل والفطرة يشهد بضد ما ذهبوا إليه وما قالوا به.

ويتبين هذا من تكلفهم في تأويل النصوص وحيرتهم من كثرة الأدلة.


(١) سورة المجادلة، آية: ١.
(٢) انظر: الرد على المنطقيين ص (٤٦٥) والفتاوى (٦/ ٢٢٨).
(٣) انظر: جامع الرسائل لابن تيمية (٢/ ١٥ - ١٧).

<<  <   >  >>