للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعترف بأن الله قادر بلا قدرة، وعالم بلا علم، ومريد بلا إرادة، فهل يكفر أم لا؟ ولا يختلف المسلمون أن من جهل أو شك في كون الباري تعالى عالمًا به، وقادرًا على إعادته كافر حلال الدم في الدنيا، مخلد في النار في الآخرة؛ لأن ذلك معلوم من الشرع بالضرورة، وجحده أو الشك فيه تكذيب للرسول - صلى الله عليه وسلم - قطعًا" (١).

[صفة الإرادة]

صفة ذاتية لازمة لله تعالى، قال جل وعلا: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} (٢)، وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (١)} (٣). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم" (٤).

والقرطبي قد أثبت هذه الصفة تبعًا للأشاعرة، بل إن الأشاعرة صرفوا كثيرًا من صفات الله تعالى إلى هذه الصفة، فقالوا عن محبة الله: إنها إرادة إكرام من يحب، وعن غضبه تعالى: إرادة الانتقام، وهكذا.

وقد سبق في صفة العلم والقدرة نقل النصوص عن القرطبي في إثبات هذه الصفة، وفي تكفير من قال: إن الله مريد بلا إرادة.

وقد أنكر القرطبي والمازري تسمية إرادة الله تعالى عزمًا، حيث قال القرطبي: "عزم الله لي. أي: خلق فيَّ قصدًا مؤكدًا، وهو العزم، لا


(١) المفهم (٧/ ٧٥).
(٢) سورة الأنعام، آية: ١٢٥.
(٣) سورة المائدة، آية: ١.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت ح (٢٨٧٩) (١٧/ ٢١٥).

<<  <   >  >>