للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن إرادة الله تسمى عزمًا لعدم الإذن في ذلك" (١).

وقال المازري عند قول مسلم "عزم الله لي": "لا يظن بمسلم أنه أراد لو عزم الله لي عليه لأن إرادة الله سبحانه لا تسمى عزمًا ولعله أراد سهل لي سبيل العزم، أو خلق في قدرة عليه" (٢).

وقد جاء هذا اللفظ في قول أم سلمة - رضي الله عنها - في صحيح مسلم قالت: " .. فلما توفي أبوسلمة قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم عزم الله لي فقلتها (٣). قالت: فتزوجت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وهل يجوز وصفه بالعزم؟ فيه قولان: أحدهما: المنع كقول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى. والثاني: الجواز وهو أصح فقد قرأ جماعة من السلف {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (٥) بالضم، وفي الحديث الصحيح من حديث أم سلمة: "ثم عزم الله لي"، وكذلك في خطبة مسلم: "فعزم لي" (٦).

والعزم في حق المخلوقين عقد القلب على إمضاء الأمر، ولا نقول في حق الله كيف؟ بل نثبته على وجه يليق بجلاله وعظمته {لَيْسَ كَمِثْلِهِ


(١) المفهم (٢/ ٥٧).
(٢) المعلم (١/ ١٨٢).
(٣) أي قالت: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، لقوله عليه الصلاة والسلام: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرًا منها: إلَّا أخلف الله له خيرًا منها" وهو نفس الحديث المخرج بعده.
(٤) رواه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند المصيبة ح (٩١٨) (٦/ ٤٧٦).
(٥) سورة آل عمران، آية: ١٥٩.
(٦) الفتاوى (١٦/ ٣٠٣).

<<  <   >  >>