لقد عاش المازري بين سنة (٤٥٣ هـ) وسنة (٥٣٦ هـ)، وهي فترة اضطراب وعدم استقرار وحروب وفتن، خصوصًا في بلاد إفريقية التي عاش فيها.
فهذه الفترة لم تكن فيها للخليفة العباسي أيَّة سلطة حقيقة، إنما يُكتفى بذكر اسمه على المنابر، والدعاء له في الدولة التي تدين له بالولاء، وإلَّا فقد كانت الدولة الفاطمية العبيدية الباطنية تسيطر على مصر والشام وإفريقية. أمَّا بلاد اليمن وبلاد الحجاز فتخضعان لهم تارة، وتخرجان عن سلطتهم تارة أخرى.
وفي اليمن كانت الدولة الصليحية الباطنية خاضعةً للدولة الفاطمية وتحت سلطتها.
وكذلك في إفريقية كانت الدولة الصنهاجية تابعة للفاطميين وخاضعة لهم كما سيأتي تفصيله.
وأمَّا خُراسان والعراق وما تبعهما فكانتا خاضعتين للسلطان السلجوقي.
والمغرب والأندلس كانتا تحت حكم دولة المرابطين (١).
وهكذا انقسمت بلاد الإسلام، وأصبحت دولًا متعددةً تحت رايات كثيرة.
أما إذا خصصنا الحديث عن بلاد إفريقية وهي التي عاش فيها المازري، فإنها كانت تحت حكم الدولة الفاطمية التي قامت أصلًا في إفريقية ثم امتد سلطانها إلى مصر والشام، فانتقلت عاصمة الدولة من
(١) انظر: تاريخ الإسلام السياسي، لحسن إبراهيم حسن (٤/ ١، ١١٥، ١٧٧، ٢١٩).