للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّاحِمِينَ (١٥١)} (١) لأن المخلوقين قد يرحم بعضهم بعضًا، ولا شك أن رحمة الله تخالف رحمة خلقه، كمخالفة ذاته وسائر صفاته لذاواتهم وصفاتهم" (٢).

[صفة الصبر]

جاء وصف الله تعالى بالصبر في الحديث الصحيح الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم" (٣).

قال القرطبي في شرحه لهذا الحديث: "الصبر في اللغة: حبس النفس على ما تكرهه أو يشق عليها، وذلك على الله تعالى محال، لكنه قد يكون معه الصفح عن الجاني، والحلم عليه، والرفق به، وكل ذلك موجود من الله تعالى، فحسن أن يطلق الله تعالى ذلك على نفسه" (٤).

وقال المازري في شرحه لهذا الحديث: "المراد بهذا أن الله سبحانه واسع الحلم عن الكافر الذي يضيف إليه الولد، والصبر: منع النفس من التشفي والانتقام، أو منعها من غير ذلك، فلما كان الامتناع نتيجة الصبر عبر عن ترك الباري سبحانه الانتقام بهذه العبارة وجرى الأمر في ذلك على حسب ما قلناه مرارًا فيما تقدم من مثل هذا" (٥).


(١) سورة الأعراف، آية: ١٥١.
(٢) أضواء البيان (٥/ ٣٦٥).
(٣) رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ح (٧٣٧٨) (١٣/ ٣٧٢) ومسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله ح (٢٨٠٤) (١٧/ ١٥١).
(٤) المفهم (٧/ ٨٠).
(٥) المعلم (٣/ ١٩٧).

<<  <   >  >>