للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفائدتها، وهي: اللطف بالمبتلي والضعيف، والإحسان إليه، وكشف ما هو فيه من البلاء، فإذًا هي في حقه سبحانه وتعالى من صفات الفعل لا من صفات الذات، وهذا كما تقدم في غضبه تعالى ورضاه" (١).

وقال المازري: "غضب الله عز وجل ورضاه يرجعان إلى إرادته لإثابة المطيع ومنفعة العبد أو عقاب العاصي، فالأولى منهما يسمى رحمة، والثاني يسمى غضبًا" (٢).

ويتبين من قولهم هذا مخالفة مذهب السلف في إثبات هذه الصفة التي وردت فيها النصوص على الوجه اللائق به سبحانه من غير تشبيه لها بصفة المخلوق، وهي ولا شك من صفات الكمال، ولذا تكون غالبًا من القوي للضعيف، ومن الكبير للصغير، ومن القادر للعاجز، وأما هذا التأويل فهو على مذهب الأشاعرة، ومن سلك سبيلهم لتنزيه الرب بزعمهم عن مشابهة المخلوق لقولهم: إن الرحمة رقة في القلب، وهذه رحمة المخلوق لا رحمة الخالق, فالرحمة صفة الرحيم، وهي في كل موصوف بحسبه، فإذا اتصف أرحم الراحمين بالرحمة حقيقة لم يلزم أن تكون رحمته من جنس رحمة المخلوق. وإن ظهور آثار صفة الرحمة في الوجود، كظهور أثر صفة الربوبية والملك والقدرة، فإن ما لله على خلقه من الإحسان والإنعام شاهد برحمة تامة وسعت كل شيء.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "الرحمة صفة الله التي اشتق لنفسه منها اسمه "الرحمن"، واسمه "الرحيم"، وهي صفة تظهر آثارها في خلقه الذين يرحمهم. وصيغة التفضيل في قوله: {وَأَنْتَ أَرْحَمُ


(١) المفهم (٦/ ١٠٨).
(٢) المعلم (٣/ ١٨٩).

<<  <   >  >>