للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشاعرة في حصر دلالة صدق النبي على المعجزة، كما سبق نقل كلامه عند الحديث عن دلائل الربوبية (١).

وقول القرطبي هنا أن المعجزة لا يظهرها الله على يد كاذب صحيح، لكن الله تعالى يفعل ذلك لحكمة، وهو منزه تعالى عن ذلك، لا كما تعلل الأشاعرة بأن المعجزة هي الدليل الوحيد على صدق النبي، أو أن إظهارها على يد الكاذب يفضي إلى تعجيز الرب عن إثبات صدق أنبيائه (٢).

وأما جعلهم الفرق بين المعجزة والسحر والشعوذة هو فقط عدم المعارضة، وكونها جاءت على يد مدعي النبوة، فهذا فرقٌ ضعيفٌ، فإن من الناس من ادَّعى النبوة وكان كاذبًا وظهرت على يده بعض هذه الخوارق، فلم يُمنع منها، ولم يعارضه أحد، كما حدث للأسود العنسي ومسيلمة وغيرهما (٣).

[المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام]

معجزات الأنبياء عليهم السلام مناسبة لحال أقوامهم حيث جاء موسى -عليه السلام- بالعصا على صورة ما يضع السحرة لكنها تلقفت ما صنعوا، ولم يقع ذلك بعينه لغيره؛ لأنه جاء إلى قوم فشا فيهم السحر، وعيسى- عليه السلام- أرسل إلى قوم كثر فيهم الأطباء والحكماء، فأتاهم الله بمعجزة من جنس عملهم، لم تصل قدرتهم إليها، وكان العرب الذين بعث فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغوا الغاية من البلاغة والفصاحة، فجاءهم تعالى بالقرآن المعجزة الخالدة الباقية إلى قيام الساعة، مع العديد من


(١) انظر: ص (١٩٨).
(٢) انظر: النبوات لابن تيمية (١/ ٦، ٧) والجواب الصحيح لابن تيمية (٦/ ٣٩٧).
(٣) انظر: النبوات ص (١٣، ١٤، ٢٠٣).

<<  <   >  >>