للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لا يسلم لهم أن هناك تركيبًا من أجزاء بحال، وإنما هي ذات قائمة بنفسها مستلزمة للوازمها التي لا يصح وجوده إلَّا بها، وليست صفة الموصوف أجزاء له ولا أبعاضًا يتميز بعضها عن بعض، أو تتميز عنه حتى يصح أن يقال هي مركبة منه أو ليست مركبة. أنه لو فرض أن هذا يسمى مركبًا فليس مستلزمًا للإمكان، ولا للحدوث، ولا للافتقار، وذلك أنه علم بالعقل والسمع أنه يمتنع أن يكون الرب تعالى فقيرًا إلى خلقه، بل هو الغني عن العالمين فهو سبحانه غني بنفسه، ليس ثبوته وغناه مستفادا من غيره، إنما هو بنفسه، لم يزل ولا يزال حقًّا صمدًا قيومًا، فالقول في صفاته التي هي داخلة في مسمى نفسه هو القول في نفسه (١).

ثم لا يتصورُ عاقل في حق الله تعالى خالق المفرد والمركب الذي يجمع المتفرق ويؤلف بين الأجزاء فيركبها كما يشاء أن يكون اتصافه بالصفات التي وصف بها نفسه يؤدي إلى التركيب! كالإنسان المركب من الأجزاء التي يحتاج بعضها إلى بعض، إن هذا قياس باطل عقلًا وشرعًا، وهو بهتان ومكابرة للعقل الذي يدل على إثبات إله واحد لا شريك له، ولا شبيه له، ولا يتصور عقلًا أن يكون هذا الرب الواحد لا صفة له ولا وجه ولا يدين، ولا هو فوق خلقه فدعوى أن هذا يؤدي إلى التركيب دعوى باطلة، وكذب صريح على العقل والوحي (٢).

[٢ - الجسم]

لفظ الجسم من الألفاظ المبتدعة التي لم تأت في الكتاب ولا السنة، ولا تكلم بها أحدٌ من الصحابة أو التابعين.


(١) انظر: نقض أساس التقديس لابن تيمية (١/ ٦٠٥ , ٦٠٧) ومنهاج السنة لابن تيمية (٢/ ٥٤١).
(٢) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (٣/ ٩٤٥، ٩٤٧).

<<  <   >  >>