للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها]

إن توحيد الألوهية هو إفراد الله تعالى بالعبادة، وقد وضَّح القرطبي معنى العبادة فقال: "أصل العبادة الخضوع والتذلل، وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات؛ لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى" (١).

والعبد الذي خضع لله تعالى، واستسلم، يسعى لأن تكون عبادته وفق ما أمر الله تعالى به لتوافق مرضاة الله، فتكون سببًا لنجاته.

والعبادة الصحيحة المقبولة عند الله تعالى لابد لها من شرطين أساسيين هما: الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقال قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٢)، وقال تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (٣).

وقد بيَّن القرطبى أن الإخلاص شرطٌ في صحة جميع العبادات فقال: "الإخلاص شرطٌ في جميع العبادات، لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، والإخلاص مصدر من أخلصت العسل وغيره، إذا صفيته وأفردته من شوائب كدره، أي: خلَّصته منها. فالمخلص في عباداته هو الذي يخلصها من شوائب الشرك والرياء، وذلك لا يتأتي له إلَّا بأن يكون الباعث على عملها قصد التقرب إلى الله تعالى، وابتغاء ما عنده، فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أعراض الدنيا، فلا يكون عبادة، بل يكون مصيبة موبقة لصاحبها، فإما كفر وهو:


(١) المفهم (١/ ١٨١).
(٢) سورة البينة، الآية: ٥.
(٣) سورة الزمر، الآية: ٣.

<<  <   >  >>