للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برسول ... قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} (١) دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولًا عند الإطلاق لأنه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفون أنه حق" (٢).

[المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم]

إن مما يعلمه كل مسلم أن الله تعالى اصطفى هؤلاء الأنبياء واختارهم لحمل رسالته وإبلاغ دعوته فهم سفراء الله تعالى إلى خلقه جعلهم الله تعالى خيرة الخلق، وصفوة البشر، شرَّفهم بالنبوة، وأعطاهم الحكمة، ورزقهم قوة العقل، وسداد الرأي، فهم أئمة الدنيا والدين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (٣). من إكرام الله تعالى لهم أن وهبهم كمال الخَلقِ والخُلق فخصهم بصفات الكمال ونزههم عن صفات النقص والعيب. قال القرطبي: الله تعالى كمَّل أنبياءه خَلْقًا وخُلُقًا ونزههم في أول خلقهم من المعايب والنقائص المنفرة عن الاقتداء بهم المبعدة عنهم، ولذلك لم يسمع أنه كان في الأنبياء والرسل من خَلَقَه الله تعالى أعمى ولا أعور ولا أقطع ولا أبرص ولا أجذم ولا غير ذلك من العيوب والآفات التي تكون نقصًا ووصمًا يوجب لمن اتصف بها شينًا وذمًا ومن تصفح أخبارهم وعلم أحوالهم علم ذلك على القطع، وقد ذكر القاضي - رحمه الله - في الشفاء من هذا جملة وافرة (٤) ولا يعترض عليها بعمى يعقوب وبابتلاء أيوب، فإن ذلك كان طارئًا عليهم محبة لهم وليقتدي بهم من ابتلي ببلاء في حالهم وصبرهم،


(١) سورة الحج، الآية: ٥٢.
(٢) النبوات لابن تيمية ص (١٨٤، ١٨٥).
(٣) سورة السجدة، الآية: ٢٤.
(٤) أي القاضي عياض في كتابه "الشفاء بتعريف حقوق المصطفى".

<<  <   >  >>