للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة، ومال بعض المتكلمين من أئمتنا إلى أنه الأظهر فيه أنه جسم لطيف خلقه الباري تعالى وأجرى العادة بأن الحياة لا تكون مع فقده، وإذا شاء موت إنسان أعدم هذا الجسم منه إعدام الحياة، وهذا الجسم إن كان حيًّا فلا يحيى إلَّا بحياة تختص به أيضًا، وهو مما يصح صرف القبض إليه والبلوغ إلى مكان ما من الجسم وكونه في مكان في العالم أو حواصل طير إلى ذلك، مما وقع في الظواهر، ويصح في العقل صرف ما أشرنا إليه من الظواهر إلى غيره من جواهر القلب أو الجسم الحية، والمسألة تحتمل الاتساع الكثير، وإنما ذكرنا في هذا الموضع ما يليق به" (١).

هذا هو منهج المتكلمين في هذه المسألة والأصل في ذلك أن هذه المسائل من الأمور الغيبية التي يوقف فيها عند النصوص الشرعية إذ هو مما استأثر الله تعالي بعلمه كما ذكره القرطبي -رحمه الله- ضمن الأقوال، فنكتفي بهذا في هذه المسألة ونكل العلم لله سبحانه وتعالى.

[مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان]

مذهب أهل السنة بقاء الأرواح بعد فراق الأجساد بمعنى أنها لا تفنى، قال شيخ السلام: "الأرواح مخلوقة بلا شك، وهي لا تعدم، ولا تفنى، ولكن موتها مفارقة الأبدان، وعند النفخة الثانية تعاد الأرواح إلى الأبدان" (٢).

وأما من قال بانتقال الأرواح بعد فراقها للأبدان إلى أبدان أخرى فهو معلوم البطلان هو القول بالتناسخ، وقد رد عليه القرطبي وبين فساده وكفره حيث قال: "لا يلتفت لقول التناسخية القائلين بأن الأرواح


(١) المعلم (٣/ ٢٠٢).
(٢) الفتاوى (٤/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>