للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنتقل إلى أجساد أُخر، فأهل السعادة ينقلون إلى أجساد حسنة مشرقة مرفهة، فتتنعم بها، وأهل الشقاء تنقل أرواحهم إلى أجسام خسيسة قبيحة فتعذب فيها، حتى إذا استوفت أمد عقابها رجعت إلى أحسن بنية وهكذا أبدًا، وهذا معنى الإعادة والثواب والعقاب عندهم، وهو مناقض لما جاءت به الشريعة، ولما أجمعت الأمة عليه، ومعتقده يكفر قطعًا، فإنه أنكر ما علم قطعًا من إخبار الله تعالى وإخبار نبيه -صلى الله عليه وسلم- عن أمور الآخرة، وعن تفاصيل أحوالها، وأن الأمر ليس على شيء مما قالوه فالتناسخ والقول به باطل محال عقلًا" (١).

فالسؤال أين تكون هذه الأرواح بعد مفارقتها للأبدان؟

هذا مما وقع فيه الخلاف، وتعددت فيه الأقوال:

فقيل: إن الأرواح تكون على أفنية القبور، وقد تفارقها، وقيل: تسرح حيث شاءت، وقيل: تجتمع في موضع من الأرض، والقول الصحيح في هذه المسألة التفصيل:

فأرواح الأنبياء عليهم السلام في أعلى عليين، وقد ثبت في الصحيح أن آخر كلمة قالها -صلى الله عليه وسلم- عند موته: "اللهم الرفيق الأعلى" (٢) أما أرواح الشهداء فالصحيح أنها في الجنة، كما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- عندما سئل عن حياة الشهداء في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} (٣) حيث قال: "أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك


(١) المفهم (٣/ ٧١٨).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ح ٦٥٠٩ (١١/ ٣٦٥).
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٦٩.

<<  <   >  >>