للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

لقد أخفى الله تعالى عن عباده وقت وقوع الساعة فلا يعلم أحد متى تقوم الساعة، إلَّا هو -سبحانه وتعالى- كما قال -جل وعلا-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ١٨٧} (١).

وعندما سأل جبريل -عليه السلام- الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأحدثك عن أشراطها" (٢).

قال القرطبي: "قوله: "متى تقوم الساعة" مقصود هذا السؤال امتناع السامعين من السؤال عنها إذ قد كانوا أكثروا السؤال عن تعيين وقتها، كما قال تعالي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢)} (٣) و {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ} (٤) وهو كثير في الكتاب والسنة، فلما أجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه إلَّا يعلمها إلَّا الله يئس السائلون من معرفتها، فانكفوا عن السؤال عنها، وهذا بخلاف، الأسئلة الأُخر، فإن مقصودها استخراج الأجوبة عنها ليستعملها السامعون ويعمل بها العاملون" (٥).

فعلم الساعة، مما استأثر الله تعالى بعلمه، ولكن الله تعالى جعل لها أشراطًا، وهي الآيات والعلامات الدالة على قربها.


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٨٧.
(٢) سبق تخريجه ص (١٣٧).
(٣) سورة النازعات، الآية: ٤٢.
(٤) سورة الأحزاب، الآية: ٦٣.
(٥) المفهم (١/ ١٥٤).

<<  <   >  >>