للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معهما من الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- لا يقتضي تكفير إحدى الطائفتين أو تفسيقها" (١).

[الدفاع عن صحابة بأعيانهم]

تبين لنا فيما سبق المنهج السوي والموقف المرضي مما وقع بين الصحابة -رضي الله عنهم- وذلك لئلا يطعن أحد في نزاهتهم أويشك في صدقهم، فهم صفوة هذه الأمة، وأعلامها، وقادتها، ونقلة ملتها، فالطعن فيهم أو في أحدهم من علامات أهل البدع، ومناهج أهل الأهواء، فنأخذ جميل أفعالهم، ونقتدي بها، وهو الكثير العام، ونغض الطرف عما وقعوا فيه من الأخطاء والذنوب التي وقعوا فيها بمقتضى البشرية، فغمرت هذه الزلات في بحر الإحسان والطاعات، قال ابن قدامة: "ومن السنه، تولي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومحبتهم وذكر محاسنهم والترحم عليهم والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساوئهم، وما شجر بينهم، واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم" (٢).

وقال أبو نعيم الأصبهاني: "فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم ... فإن الهفوة والزلل والغضب والإفراط لا يخلو منه أحد" (٣).

وهذا المنهج العسوي هو الذي سلكه القرطبي -رحمه الله- فدافع عن الصحابة عمومًا ونافح عن بعضهم على وجه الخصوص خصوصًا من


(١) المعلم (٢/ ٢٦).
(٢) لمعة الاعتقاد ص (٣٢).
(٣) الإمامة والرد على الرافضة ص (٣٤١، ٣٤٢).

<<  <   >  >>