للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو سبحانه العلي في دنوه القريب في علوه" (١).

فهذه التأويلات التي ذكرها القرطبي والمازري لا حاجة لها مع مذهب السلف الذي يثبت ولا يشبه ولا يكيف.

[صفة المعية]

يعتقد أهل السنة والجماعة أن الله معنا على الحقيقة وأنه فوق سمواته مستوٍ على عرشه وهذه المعية ثابتة بالكتاب والسنة. قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٢) وقال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٣) وقال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} (٤).

وجاء في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني" (٥)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله والإيمان بما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سمواته على عرشه عليُّ على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون -ثم بعد ذكر بعض الآيات- قال: وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون


(١) انظر: الفتاوى لابن تيمية (٣/ ١٤٣) (٥/ ٤٤٦).
(٢) سورة الحديد، آية: ٤.
(٣) سورة المجادلة، آية: ٧.
(٤) سورة طه، آية: ٤٦.
(٥) رواه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ح (٧٤٠٥) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى ح (٢٦٧٥) (١٧/ ٥).

<<  <   >  >>