للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكاذبة" (١).

قال القرطبي في معية الله: "قال تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} وقال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} أي: مطلع عليكم ومحيط بكم، وقد ينجز مع ذلك الحفظ والنصر كما قيل في قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} أي: أحفظكما ممن يريد كيدكما" (٢).

وفي هذا النقل عن القرطبي نرى أنه وافق أهل السنة في هذه المسألة (٣)، ذلك أن أهل السنة يقولون: المعية معيتان: معية عامة: تقتضي العلم والإحاطة. ومعية خاصة: تقتضي النصر والتأييد.

فالأولى: كقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٤).

والثانية: كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٥)، فالته تعالى مع الخلق كلهم بالعلم والقدرة، والسلطان ويخص بعضهم وهم: أنبياؤه وأولياؤه بالإعانة والنصر والتأييد (٦).

قال ابن تيمية وهو يبين مذهب السلف: "فإنهم أثبتوا وآمنوا بجميع ما جاء به الكتاب والسنة كله من غير تحريف للكلم وأثبتوا أن الله تعالى فوق سمواته وأنه على عرشه بائن من خلقه، وهم منه بائنون، وهو أيضًا


(١) الواسطية لابن تيمية انظرها مع شرحها للهراس ص (١٩٣، ١٩٤).
(٢) المفهم (٧/ ٦).
(٣) وهو بهذه الموافقة لم يخرج عن مذهب الأشاعرة في الصفات إذ الأشاعرة يوافقون أهل السنة في هذه الصفة.
(٤) سورة الحديد، آية: ٤.
(٥) سورة النحل، آية: ١٢٨.
(٦) انظر الفتاوى لابن تيمية (٥/ ٢٢٧، ٤٩٧)، وعلو الله على خلقه للدكتور موسى الدويش ص (٢٥٢ - ٢٧٧).

<<  <   >  >>