للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: الشرك]

الشرك بالله تعالى هو أكبر الكبائر، وأعظم الظلم، لأنه صرفٌ للعبادة والتألُّه لغير مستحقها.

قال القرطبي: "اتخاذ الإنسان إلهًا غير خالقه المنعم عليه مع علمه بأن ذلك المتخذ ليس هو الذي خلقه، ولا الذي أنعم عليه، من أقبح القبائح، وأعظم الجهالات، وعلى هذا فذلك أكبر الكبائر وأعظم العظائم" (١).

وقال أيضًا: "الشرك هو أعظم الظلم، إذ المشرك اعتقد الإلهية لغير مستحقها، كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} (٢) " (٣).

وبيَّن معنى الشرك فقال: "معناه بحكم أصل الوضع ألا يتخذ معه شريكًا في الألوهية، ولا في الخلق، لكن هذا القول قد صار بحكم العرف عبارة عن الإيمان الشرعي، ألا ترى أن من وحَّد الله تعالى ولم يؤمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينفعه إيمانه بالله تعالى، ولا توحيده، وكان من الكافرين بالإجماع القطعي؟ " (٤).

لكن لا مانع أن يبقى الشرك على أصله، وهو اتخاذ شريك مع الله تعالى، وتكون هذه الصورة التي ذكرها القرطبي وأمثالها من باب الكفر، لأن الكفر أعم من الشرك.

فالكفر يدخل تحته الشرك، وجميع الأعمال المناقضة للإيمان، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} (٥)


(١) المفهم (١/ ٢٨٠).
(٢) سورة لقمان، الآية: ١٣.
(٣) المفهم (١/ ٣٣٤).
(٤) المفهم (١/ ٢٩١).
(٥) سورة البينة، الآية: ٦.

<<  <   >  >>