للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لبعُقْرِ حوضي أذود الناس لأهل اليمن" (١) قال القرطبي في شرح هذا الحديث: "يعني السابقين من أهل اليمن الذين نصره الله بهم في حياته وأظهر الدين بهم بعد وفاته، وقد تقدم أن المدينة من اليمن، وأنهم أحق بهذا الإكرام من غيرهم، لما ثبت لهم من النُّصرة والأثرة، ولذلك قال للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض" (٢) وأذود: أدفع، فكأنه يطرِّق لهم مبالغة في إكرامهم حتى يكونوا أول شارب كما يفعل بفقراء المهاجرين إذ ينطلق بهم إلى الجنة، فيدخلهم إلى الجنة قبل الناس كلهم" (٣).

وقد جاء في حديث آخر: دفع أناس عنه، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا ليُذَادنَّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هَلُمَّ ألا هلُمَّ فيقال: إنهم قد بدَّلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا" (٤)، قال القرطبي: "اختلف العلماء في تأويله فالذي صار إليه الباجي (٥) وغيره وهو الأشبه


= الجمع بين هذه الألفاظ فقال في توجيه هذا الاختلاف: "وإذا تقرر ذلك رجع جميع المختلف إلى أنه لاختلاف السير البطيء والسريع" فتح الباري (١١/ ٤٨٠).
(١) رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصفاته ح ٢٣٠١ (١٥/ ٦٨).
(٢) رواه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي عليه السلام للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض" ح ٣٧٩٢ (٧/ ١٤٦)، ومسلم في كتاب الزكاة باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام ح ١٠٥٩ (٧/ ١٥٧).
(٣) المفهم (٦/ ٩٦).
(٤) رواه مسلم في كتاب الطهارة باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء ح ٢٤٩ (٣/ ١٤٠).
(٥) أبو الوليد سليمان بن خلف التجيبي القرطبي الشهير بالباجي رحل كثيرًا في طلب العلم حتى برز له تصانيف كثيرة مشهورة توفي سنة (٤٧٤ هـ). سير أعلام النبلاء (١٨/ ٥٣٥)، الديباج =

<<  <   >  >>