للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد

علم الكلام وموقف السلف منه

مما لا شك فيه أن علم الكلام الذي خاض فيه من خاض، فقعَّدوا له القواعد، وبنوا عليه المسائل، وألزموا الناس من خلاله بمنهج لم يأت في كتابٍ ولا سنة، ولا عرفه سلف هذه الأمة، وقد ترتب عليه من المحاذير ما الله به عليم، خصوصًا ما يتعلق بتوحيد الربوبية، ومعرفة الله تعالى، لذا وضعت هذا التمهيد لهذا الفصل في ذم الكلام وأهله وموقف السلف منه.

لقد أمر الله تعالى بلزوم الكتاب والسنة، ونهى عن الخصومات في الدين، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة" (٢).

وقد حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على الالتزام بالكتاب والسنة، والتحذير من البدع والكلام المذموم، والمجادلة بالباطل. وما قصة عمر رضي الله عنه مع صبيغ بن عسل (٣) وتأديبه، والنهي عن


(١) سورة النساء، الآية: ١١٥.
(٢) رواه أحمد في مسنده (٤/ ١٢٦)، وأبو داود في كتاب السنة، باب لزوم السنة، والترمذي في كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٣٤٢).
(٣) صبيغ بن عسل ويقال صبيغ بن شريك التميمي البصري: استمر في منهجه هذا حتى قتل في =

<<  <   >  >>