ولا شك أن هذا زعمٌ باطلٌ، وقولٌ مردودٌ، إذ جاء إثبات هذه الصفات في الكتاب والسنة، فلا ندعها لقول هؤلاء، ولذا فأهل السنة يقولون عن هذا الزعم: لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء أو جوارح، أو أدوات أو أركان؛ لأن الركن جزء الماهية، والله تعالى هو الأحد الصمد، لا يتجزأ، والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية، والجوارح فيها معنى الاكتساب والانتفاع، وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة، وكل هذه المعاني منتفية عن الله، ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله تعالى" (١).
[المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم]
إن متابعة القرطبي والمازري للمتكلمين في قواعدهم التي أحدثوها لنفي صفات الله سبحانه وتعالى جعلتهم يرمون أهل السنة بألقاب ذميمة هم منها براء، وذلك كتسميتهم بالحشوية، والمجسمة، إذ كل من أثبت الصفات لله سبحانه كما جاءت بها النصوص رموه بهذه الألقاب والأوصاف للتنفير منه.
وتسميتهم بالحشوية أرادوا أنهم من حشو الناس وسقطهم، فلا يعتد بكلامهم، أو لإثباتهم العلو والاستواء، وهذا بزعمهم يؤدي إلى أن يكون الله تعالى في السماء مظروفًا محشوًا تعالى الله عن ذلك.
قال ابن القيم:
ومن العجائب قولهم لمن اقتدى ... بالوحي من أثر ومن قرآن
حشوية يعنون حشوًا في الوجو ... د وفضلة في أمة الإنسان