للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظواهر والثياب وبواطنهم وسخة خراب" (١).

[د - في الوجد والسماع]

أباح الصوفية سماع الغناء والمزامير، بل زعموا أنها تقرب لرب العالمين. وقد واجه القرطبي هذا الباطل ورد هذا الضلال، خصوصًا مع انتشاره في عصره، بل أفرد هذا بتأليف مستقل، وذلك بكتابه الموسوم بـ "كشف القناع عن حكم مسائل الوجد والسماع" (٢). وقد استدل الصوفية على باطلهم بإنشاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في حفر الخندق، إذ كانوا يرتجزون أثناء العمل بأبيات من الشعر.

وقد قال القرطبي في رد هذا الاستدلال: "وقد يستدل بإنشاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هذه الأسجاع أهل المجون والبدع من المتصوفة على إباحة ما أحدثوه من السماع المشتمل على مناكر لا يرضى بها أهل المروءات، فكيف بأهل الديانات، كالطارات والشبابات واجتماع المغاني، وأهل الفساد، والشبان، والغناء بالألحان، والرقص بالأكمام، وضرب الأقدام، كما يفعله الفسقة المجان، ومجموع ذلك يعلم فساده وكونه معصية من ضرورة الأديان، فلا يحتاج في إبطاله إلى إقامة دليل ولا برهان، وقد كتبنا في ذلك جزءًا حسنًا سميناه "كشف القناع عن حكم مسائل الوجد والسماع"" (٣).

وقال في موضع آخر عن هذه المسألة عند شرحه للحديث الذي فيه أن الصحابة - رضي الله عنهم - يرتجزون والرسول - صلى الله عليه وسلم - معهم (٤): "من هنا


(١) المفهم (٦/ ٣٠٠).
(٢) انظر: ص (٨٧).
(٣) المفهم (٣/ ٦٤٥).
(٤) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (٥٢٤) =

<<  <   >  >>