للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إقامته عليه وإصراره، فيبطل بالاحتجاج به حقًّا، ويرتكب باطلًا" (١).

على أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- له جوابٌ آخر غير هذا، فهو يرى أن الحديث ليس واردًا في الاحتجاج بالقدر على المعصية أصلًا، فلا يكون دليلًا على ذلك، فالقدر حجة لآدم على موسى -عليهما السلام- لأنه لامَه لأجل المصيبة التي حصلت بفعل ذلك، وتلك المصيبة كانت مكتوبة عليه، فيكون الاحتجاج بالقدر على المصائب لا على المعائب، فيكون لوم موسى لآدم على الإخراج من الجنة لا على الأكل من الشجرة؛ لأن موسى -عليه السلام- أعرف بالله وبأمره ودينه من أن يلوم على ذنب أخبره الله تعالى أنه قد تاب على صاحبه واجتباه بعده وهداه. وآدم عليه السلام أعلم بالله من أن يحتج بالقدر على الذنب، وموسى عليه السلام أعلم بالله من أن يقبل هذه الحجة" (٢).

وهذا توجيه قوي سديد، وقد نقله ابن القيم في شفاء العليل ملخصًا، وقال: هذا جواب شيخنا رحمه الله (٣).

[المطلب الخامس: أفعال العباد]

أفعال العباد هي لب مسائل القدر، فهي التي من أجلها صار الناس فرقًا وأحزابًا.

فهل أفعال العباد هي خلق الله تعالى أم أنها خلق العبد؟

وقع الخلاف في هذه المسألة على أقوال:

الأول: أن الله وحده هو خالق أفعال العباد وأعمالهم، إنما تنسب لهم


(١) شفاء العليل (١/ ٩٤).
(٢) انظر: الفتاوى (٨/ ١٠٨، ١٧٨، ١٧٩، ٣٠٤ - ٣٠٧).
(٣) شفاء العليل (١/ ٩٢ - ٩٤).

<<  <   >  >>