للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بين القرطبي جواز إطلاق هذا اللفظ على الله تعالى، خلافًا لمن منعه وليس معه دليل، حيث قال: "قوله: "ذات الله" .. دليل على جواز إطلاق لفظ "الذات" على وجود الله تعالى فلا يلتفت لإنكار من أنكر إطلاقه من المتكلمين" (١).

وبعض الناس يظن أن إطلاق "الذات" على الله تعالى كإطلاق الصفات أي أنه وصف له فينكر ذلك بناء على هذا الظن ويقول: هذا ما ورد وليس الأمر كذلك، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف، وقد تبين مراد الذين يطلقون هذا اللفظ أنهم يريدون نفس الموصوف وحقيقته فلا إنكار عليهم في ذلك كما وضحه كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم (٢).

[إطلاق النفس على الله تعالى]

وقد جاء إثبات النفس لله تعالى بالكتاب والسنة، قال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (٣) وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (٤) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" (٥) وغيرها من النصوص، وعقد الإمام البخاري - رحمه الله - في كتاب التوحيد من صحيحه بابًا في إثبات النفس لله تعالى (٦).

وعند شرح القرطبي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي،


(١) المفهم (٦/ ١٨٥).
(٢) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (١/ ٢٤٢).
(٣) سورة المائدة، آية: ١١٦.
(٤) سورة الأنعام، آية: ٥٤.
(٥) سبق تخريجه ص (٢٠٦).
(٦) صحيح البخاري مع الفتح (١٣/ ٣٩٥).

<<  <   >  >>