للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما]

قال القرطبي في تعريف النبوة لغة: "النبوة مأخوذة من النبأ وهو الخبر، فأصلها إذًا الهمزة ثم سهلت، وقيل: مأخوذة من النبوة، وهي المرتفع عن الأرض" (١).

وقال في معنى النبوة شرعًا: "النبوة معناها: أن يُطلع الله من يشاء من خلقه على ما يشاء من أحكامه ووحيه، إما بالمشافهة، وإما بواسطة ملك أو بإلقاء في القلب" (٢).

وقال في التفريق بين النبي والرسول: "النبي في العرف: هو المنبأ من جهة الله تعالى لأمر يقتضي تكليفًا فإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول وإلَّا فهو نبي غير رسول، وعلى هذا فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولًا؛ لأن الرسول والنبي قد اشتركا في أمر عام، هو النبأ، وافترقا في أمر خاص وهو الرسالة، فإذا قلت: محمد رسول الله تضمن ذلك أنه نبي رسول" (٣).

وهذا الفرق وإن كان مشتهرًا بين أهل العلم إلَّا أنه مخالف لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (٤) فهذه الآية دلَّت على أن النبي يعمه الإرسال كالرسول، ومن المستبعد أن يخص الله تعالى عبدًا من عباده بوحي ولا يؤمر بتبليغه لغيره، فيكون هذا كتمانًا للعلم، والأنبياء منزهون عن ذلك.


(١) المفهم (١/ ٨٨).
(٢) المفهم (٦/ ١٧).
(٣) المفهم (٧/ ٤٠).
(٤) سورة الحج، الآية: ٥٢.

<<  <   >  >>