للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[صفة المحبة]

وهي صفة من صفات الله تعالى الفعلية الاختيارية الثابتة بالكتاب والسنة، كما قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)} (١)، وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (٢). وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث سهل بن سعد: "لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" (٣) وغيرها من النصوص الكثيرة المثبتة لهذه الصفة.

ولذا فأهل السنة والجماعة يثبتون المحبة صفة حقيقية لله عز وجل على ما يليق به، فلا تقتضي عندهم نقصًا ولا تشبيهًا كما يثبتون لازم تلك المحبة، وهي إرادته سبحانه إكرام من يحبه وإثابته، وقد جاء في صحيح مسلم أحاديث كثيرة فيها إثبات صفة المحبة لله عز وجل كما يليق بجلاله، وقد شرح القرطبي والمازري هذه الأحاديث في أكثر من موضع نهجا فيها منهج أهل التأويل. قال القرطبي عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" (٤).: "دليل على جواز إضافة المحبة لله تعالى، وإطلاقها عليه، ولا خلاف في أن إطلاق ذلك عليه، صحيح محبًا ومحبوبًا، كما قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (٥) وهو في السنة كثير ولا يختلف النظَّار من أهل السنة وغيرهم أنها مؤولة في حق الله


(١) سورة البقرة، آية: ١٩٥.
(٢) سورة المائدة، آية: ٥٤.
(٣) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب فضل من أسلم على يديه رجل ح (٣٠٠٩) (٦/ ١٦٨) ومسلم في كتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ح (٢٤٠٦) (١٥/ ١٨٦).
(٤) رواه البخاري في كتاب الإيمان باب حلاوة الإيمان ح (١٦) (١/ ٧٧) ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان ح (٤٣) (٢/ ٣٧٢).
(٥) سورة المائدة، آية: ٥٤.

<<  <   >  >>