للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفحه عن الذنوب، ألا ترى أنك تقول: رأيت زرعًا يضحك. وهذا كذب إذ ضحك الزرع ليس بضحك، إنما هو خضرته ونضارته، فهو أبدًا -ما دام أخضر- ضاحك لكل أحد للولي والعدو، ولمن يسقيه ولمن يحصده، لا يقصد بضحكه إلى شيء، والله يقصد بضحكه إلى أوليائه عندما يعجبه فعالهم، ويصرفه عن أعدائه فيما يسخطه من أفعالهم، فضحك الله أصل وحقيقة للضحك، ويضحك كما يشاء، وأما قولك إن ضحكه رضاه ورحمته، فقد صدقت في بعض؛ لأنه لا يضحك إلى أحد إلَّا عن رضى، فيجتمع منه الضحك والرضى. ثم ذكر عددًا من الأحاديث التي لا مجال لتأويلها، ومنها قول أبي رزين رضي الله عنه للرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أيضحك ربنا؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "نعم قال: لن نعدم من ربٍّ يضحك خيرًا" (١) - ثم قال: لو كان تفسير الضحك الرضى والرحمة والصفح من الذنوب فقط، كان أبو رزين جاهلًا لا يعلم أن ربه يرحم ويرضى ويغفر الذنوب" (٢).

قال الأصبهاني: "وأنكر قوم في الصفات الضحك، وإذا صح الحديث لم يحل لمسلم رده، وخيف على من يرده الكفر، قال بعض العلماء: من أنكر الضحك فقد جهل جهلًا شديدًا، والحق أن الحديث إذا صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب الإيمان به، ولا توصف صفته بكيفية ولكن نسلم إثباتًا له وتصديقًا به" (٣).


(١) رواه أحمد في المسند (٤/ ١١) وابن ماجه في سننه باب فيما أنكرت الجهمية وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص (١٣).
(٢) انظر نقض الدارمي (٢/ ٧٦٩، ٨٠٠) بتصرف.
(٣) الحجة في بيان المحجة (٢/ ٤٩١) بتصرف.

<<  <   >  >>