للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تبهتوا أهل الحديث به فما ... ذا قولهم تبًّ لذي البهتان

كم ذا مشبهة وكم حشوية ... فالبهت لا يخفى على الرحمن (١)

فأولى أن يتصف هؤلاء المتكلمون بالحشو؛ لأنهم حشوا الأوراق وسودوها بزبالات عقولهم، وأفسدوها بالبدع، والضلالات المخالفة للقرآن والسنة (٢). وسموهم بالمجسمة؛ لأنهم أثبتوا الصفات التي نفاها المتكلمون بعقولهم التي قدموها على نصوص الوحي، وأهل السنة أثبتوها لله تعالى من غير تشبيه له سبحانه وتعالى بخلقه.

قال ابن القيم:

كم ذا مشبهة مجسمة نوا ... بتة مسبة جاهل فتان

أسماء سميتم بها أهل الحـ ... ـديث وناصري القرآن والإيمان

ما ذنبهم والله إلَّا أنهم ... أخذوا بوحي الله والفرقان

وأبوا يدينوا بالذي دنتم به ... من هذه الآراء والهذيان (٣)

وعند شرح القرطبي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّاهم الله فاحذروهم" (٤) قال: يعني يتبعونه ويجمعونه طلبًا للتشكيك في القرآن، وإضلالًا للعوام، كما فعلته الزنادقة والقرامطة الطاعنون في القرآن. أو طلبًا لاعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما وقع في الكتاب والسنة مما يوهم ظاهره الجسمية حتى


(١) القصيدة النونية مع شرحها للهراس (١/ ٣٣٣).
(٢) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص (٨٠، ٨٢).
(٣) القصيدة النونية مع شرحها للهراس (١/ ٣٣٦).
(٤) وذلك بعد ما قرأ قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} الآية [سورة آل عمران ,آية ٧] رواه البخاري في كتاب التفسير، باب "منه آيات محكمات" ح (٤٥٤٧) (٨/ ٥٧)، ومسلم في كتاب العلم، "باب رفع العلم وقبضه"ح (٢٦٧٣) (١٦/ ٤٦٥).

<<  <   >  >>