للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمساق الأحاديث، أن هؤلاء الذين يقال لهم هذا القول ناس نافقوا وارتدوا من الصحابة وغيرهم فيحشرون في أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وعليهم سيماء هذه الأمة من الغرة والتحجيل، فإذا رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عرفهم بالسيماء، ومن كان من أصحابه بأعيانهم فيناديهم؛ "ألا هلم" فإذا انطلقوا نحوه حيل بينهم ودينه وأُخذ بهم ذات الشمال، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يارب أمتي ومن أمتي" وفي لفظ آخر: "أصحابي" فيقال له إذ ذاك: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وإنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم" فإذ ذاك تذهب عنهم الغرة والتحجيل ويطفأ نورهم فيبقون في الظلمات فينقطع بهم عن الورود وعن جواز الصراط، فحينئذ يقولون للمؤمنين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} فيقال لهم: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} (١) مكرًا وتنكيلًا ليتحققوا مقدار ما فاتهم فيعظم أسفهم وحسرتهم أعاذنا الله من أحوال المنافقين، وألحقنا بعباده المخلصين، وقال الداودي وغيره: يحتمل أن يكون هذا في أهل الكبائر والبدع الذين لم يخرجوا عن الإيمان ببدعتهم، وبعد ذلك يتلافاهم الله برحمته ويشفع لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال القاضي عياض: والأول أظهر" (٢).


= المذهب ص (١٩٧).
(١) سورة الحديد، الآية: ١٣.
(٢) المفهم (١/ ٥٠٤، ٥٠٥).

<<  <   >  >>