للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حمل عليه" (١).

قال القرطبي في شرحه للحديث السابق: "وإنه ليدنو" هذا الضمير عائد إلى الله تعالى، والدنو: دنو إفضال وإكرام، لا دنو انتقال ومكان، إذ يتعالى عنه ويتقدس" (٢).

وعند شرحه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "يُدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه" (٣) قال: "هذا إدناء تقريب وإكرام، لا إدناء مسافة ومكان، ويحتمل أن يكون من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (٤) أي: أهلها" (٥).

وقال المازري في شرحه لهذا الحديث: "الدنو ههنا دنو كرامة لا دنو مسافة، لأن الباري سبحانه في غير مكان (٦)، فلا يصح منه دنو المسافة ولا بعدها" (٧). وقال في شرحه للحديث الأول: "معناه: يدنو دنو كرامة وتقريب لا دنو مسافة ومماسة" (٨).

وهذا تأويل مخالف لمذهب السلف الذين يثبتون هذا على حقيقته كما يليق به سبحانه وتعالى، فقربه ودنوه سبحانه لا ينافي علوه وفوقيته،


(١) الفتاوى (٦/ ١٤).
(٢) المفهم (٣/ ٤٦٠).
(٣) رواه البخاري في كتاب المظالم باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)} ح (٢٤٤١) (٥/ ١١٦) ومسلم في كتاب التوبة باب قبول توبة القاتل ح (٢٧٦٨) (١٧/ ٩٣).
(٤) سورة يوسف، آية: ٨٢.
(٥) المفهم (٧/ ١٥٩).
(٦) هذا على مذهبه في نفي علو الله تعالى وسيأتي الرد عليه.
(٧) المعلم (٣/ ١٩١).
(٨) المعلم (٢/ ٧٥).

<<  <   >  >>