للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاني فيحصل من مجموع تلك الأمور على القطع: أن الروح ليس من قبيل الأعراض لاستحالة كل ما ذكر عليها، فيلزم أن تكون الروح من قبيل ما يقوم بنفسه، وأنه قابل للأعراض.

وهل هو متحيز أو ليس بمتحيز؟ ذهبت طوائف من الأوائل، ومن نحا نحوهم من الإسلاميين، إلى أنه قائم بنفسه غير متحيز، وذهب أكثر أهل الإسلام إلى أن ذلك من أوصاف الحق سبحانه وتعالى الخاصة به، وأنه لا تصح مشاركته في ذلك لأدلة تذكر في علم الكلام، وأن الروح قائم بنفسه متحيز، فهو من قبيل الجواهر.

ثم اختلف هل هو يقبل الانقسام فيكون جسمًا، أو لا يقبله فيكون جوهرًا فردًا؟ فذهبت طائفة من جلة علماء أهل السنة إلى أنه جسم لطيف مشابك لجميع أجزاء البدن أجرى الله العادة ببقائه في الجسم ما دام حيًّا، فإذا أراد الله إماتة الحيوان نزعه منه وأزل اتصاله بالحياة، وأعقبها بالموت، وأطبق معظم المتكلمين من أهل السنة على أنه جزء فرد من أجزاء القلب أو غيره، مما يكون في الإنسان أجرى الله العادة بحياة ذلك الجسم ما دام ذلك الجزء متصلًا به، والله تعالى أعلم وأحكم والتسليم أولى وأسلم" (١).

وقال المازري: "الكلام في الروح والنفس مما يغمض ويدق، ولكنه مع هذا أكثر الناس الكلام فيه حتى ألف بعضهم فيه التواليف، ولكن مشاهير المقالات في الروح قول أبي الحسن الأشعري إنه النفس الداخل والخارج، والقاضي أبو بكر بن الطيب يراه مما يتردد بين هذا الذي قاله أبو الحسن الأشعري، وبين الحياة، وبعض الناس يرى أنه جسم مشابك


(١) المفهم (٣/ ٧١٧).

<<  <   >  >>