للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أن ذلك لم يقطعهم عن عبادة ربهم ثم إن الله تعالى أظهر كرامتهم ومعجزاتهم بأن أعاد يعقوب بصيرًا عند وصول قميص يوسف له، وأزال عن أيوب جذامه وبلاءه عند اغتساله من العين التي أنبع الله تعالى له عند ركضه الأرض برجله، فكان ذلك زيادة في معجزاتهم، وتمكينًا في كمالهم ومنزلتهم" (١).

فحازوا صلوات الله وسلامه عليهم الخير من أطرافه والكمال البشري من جميع جوانبه، منّةً من الله سبحانه وفضلًا.

قال القرطبي: "النبوة لا يخص الله بها إلَّا من خصَّه بصفات كمال نوعه من المعارف والعلوم والفضائل والآداب، ونزهه عن نقائص ذلك، ولذا قال سبحانه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} (٢)، وقال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (٣)، وقال تعالى لما ذكر الأنبياء: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (٤) وقال: {كُلًّا هَدَيْنَا} (٥) وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} (٦) فقد حصل من هذا: أن النبوة لم يخص الله بها إلَّا أكمل خلقه وأبعدهم عن النقائص ثم: إنه لما شرفهم بالنبوة حصلت لهم بذلك على جميع نوعهم الخصوصية" (٧).

فالأنبياء - عليهم السلام - أفضل الناس وأشجع الناس وأتقى الناس لله تعالى وأعلمهم به. قال القرطبي: "الأنبياء أفضل الناس وأعلمهم بالله


(١) المفهم (٦/ ١٨٩).
(٢) سورة الحج، آية: ٧٥.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٢٤.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٩٠.
(٥) سورة الأنعام، الآية: ٨٤.
(٦) سورة القلم، الآية: ٤.
(٧) المفهم (٦/ ١٧).

<<  <   >  >>