للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلام، والرضى، والسخط، والحب، والبغض، والفرح، والضحك، وجب اعتقاد حقيقته من غير تشبيه بشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، والانتهاء إلى ما قاله الله - سبحانه وتعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير إضافة ولا زيادة عليه ولا تكييف له ولا تشبيه ولا تحريف، ولا تبديل ولا تغيير، وإزالة لفظ عما تعرفه العرب، وتصرفه عليه، والإمساك عما سوى ذلك" (١).

قال القرطبي في إثبات صفتي السمع والبصر: "نقول: إن الله تعالى يدرك المدركات ويبصر المبصرات ويسمع المسموعات على الوجه اللائق بجماله وكماله وتقدسه عن شبه المخلوقات" (٢).

والأشاعرة وإن وافقوا أهل السنة في إثبات السمع والبصر، إلَّا أنهم يخالفونهم في قولهم إنه يسمع المسموعات ويبصر المبصرات بسمع واحد قديم، وأنه لا يتجدد له سمع ولا بصر عند حدوث المسموعات والمبصرات، وإنما يتجدد التعلق، وهذا قولهم في جميع الصفات التي يثبتونها (٣)، وذلك بناءً على أصلهم في امتناع قيام الحوادث بذاته؛ لأن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث كما زعموا، وهذا أصل فاسد التزموا لأجله بنفي قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى، كالاستواء والنزول والفرح والضحك وغيرها. قال ابن تيمية - رحمه الله -: "قد دلَّ الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة، ودلائل العقل على أنه سميع بصير، والسمع والبصر لا يتعلق بالمعدوم فإذا خلق الأشياء رآها سبحانه وإذا دعاه عباده


(١) العقائد لابن كثير نقلًا عن كتاب "علاقة الإثبات والتفويض بصفات رب العالمين" للدكتور رضا نعسان ص (٨٢).
(٢) المفهم (٣/ ٢١٥).
(٣) انظر: الفرق بين الفرق ص (٣٣٤) والإنصاف للباقلاني ص (٣٨، ٣٩).

<<  <   >  >>