للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصائب بالصبر والاحتساب وقول "لو" لا يرد القدر، بل ربما دل على التضجر والاعتراض على القدر (١).

قال - صلى الله عليه وسلم -: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" (٢).

قال القرطبي: "نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث عن قول "لو" محمول على من يقول ذلك معتمدًا على الأسباب معرضًا عن المقدور، أو متضجرًا منه، كما حكاه الله من قول المنافقين حيث قالوا: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} (٣) ثم رَّد الله قولهم، وبيَّن عجزهم فقال: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٤) .. فالواجب عند وقوع المقدور التسليم لأمر الله، وترك الاعتراض على الله، والإعراض عن الالتفات إلى ما فات، فيجوز النطق بـ "لو" عند السلامة من تلك الآفات" (٥).

وأمَّا ما جاء في الأحاديث مما يخالف ظاهره هذا الحديث، فالصحيح أنه لا تعارض بينها، إذ كل ما جاء خبر عن مستقبل لا اعتراض فيه على قدر، ولا كراهة، وإنما المنهي عنه ما كان في معارضته القدر مع اعتقاد أن ذلك المانع لو يقع لوقع خلاف المقدور (٦).


(١) انظر: تيسير العزيز الحميد ص (٦٦١).
(٢) رواه مسلم في كتاب القدر باب الأمر بالقوة وترك العجز ح (٢٦٦٤) (١٦/ ٤٥٥).
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٦٨.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٦٨.
(٥) المفهم (٤/ ٦٣٨).
(٦) انظر: تيسير العزيز الحميد ص (٦٦٧، ٦٦٨).

<<  <   >  >>