للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبناء عليها، سدًّا لذريعة الشرك، وحماية لجانب التوحيد، فقال: "حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مثل هذا -أي تعظيم القبور والصور- وشدَّد النكير والوعيد على مثل هذا، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال: "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلا تتخذوا القبور مساجد" (١) أي: أنهاكم عن ذلك ... ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأعلو حيطان تربته، وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره -صلى الله عليه وسلم-، ثم خافوا أن تتخذ موضع قبره قبلة، إذ كان مستقبل المصلين، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره" (٢).

وقال عند شرحه لحديث النهي عن تجصيص القبور: "بظاهر هذا الحديث قال مالك وكره البناء والجص على القبور، وقد أجازه غيره، وهذا الحديث حجة عليه، ووجه النهي عن البناء والتجصيص في القبور: أن ذلك مباهاة واستعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة، وتشبه بمن كان يعظم القبور ويعبدها وباعتبار هذه المعاني وبظاهر هذا النهي ينبغي أن يقال هو حرام كما قد قال به بعض أهل العلم" (٣).

وقال في موضع آخر: "قوله: "لا تصلوا إلى القبور" (٤) أي: "لا تتخذوها قبلة لقطع الذريعة أن يعتقد الجهال في الصلاة إليها أو عليها


(١) سبق تخريجه ص (٢٩٠).
(٢) المفهم (٢/ ١٢٨).
(٣) المفهم (٢/ ٦٢٦).
(٤) رواه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه ح (٩٧٢) (٧/ ٤٣).

<<  <   >  >>