للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكلف عباده بما يطيقونه وبما لا يطيقونه" (١).

وقال في استخراجه لفوائد من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من صَوَّرَ صورةً في الدُّنيا كلِّف أن ينفُخ فيها الرُّوح يوم القيامة وليس بنافخ" (٢): ويُستفاد منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا، كما جاز في الآخرة (٣).

والمازري لم يصرح بهذا فعند شرحه لحديث أبي هريرة- رضي الله عنه- الذي قال فيه: "لما نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)} (٤) قال: فاشتدَّ ذلك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأَتوْا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمَّ بركُوا على الرُّكَب فقالوا: لا نطيقها" (٥): قال: إشفاقهم وقولهم: "لا نطيقها" يحتمل أن يكون أنهم اعتقدوا أنهم يؤاخذون بما لا قدرة لهم على دفعه من الخواطر التي لا تكتسب، فلهذا رأوه من قبيل ما لا يطاق ... فإن كان المراد هذا كان الحديث دليلًا على أنهم كلفوا ما لا يطاق، وعندنا أن تكليفه جائزٌ عقلًا" (٦).

والقول بتكليف ما لا يطاق بناه الأشاعرة على ما في مذهبهم من أنه لا يجب على الله شيء ولا يقبح منه شيء.


(١) المفهم (١/ ٣٣٦).
(٢) رواه البخاري في كتاب التعبير باب من كذب في حلمه ح (٧٠٤٢) (١٢/ ٤٤٦)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان ح (٢١١٠) (١٣/ ٣٣٨).
(٣) المفهم (٥/ ٤٣٣).
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٤.
(٥) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلَّا ما يطاق ح (١٢٥) (٢/ ٥٠٤).
(٦) المعلم (١/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>