للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميع أنواع السحر تخييل" (١).

وقد بيَّن القرطبي أن أكثر السحر تخييل حيث قال: "وأكثره تخييلات لا حقيقة لها، وإيهامات لا ثبوت لها، فتعظم عند من لا يعرفها، وتشتبه على من لا يقف عليها، ولذلك قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (٢) مع أنه كان في عين الناظر إليه عظيمًا، وعن ذلك عبر الله تعالى بقوله: {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)} (٣)؛ لأن الحبال والعصي لم تخرج عن حقيقتها، وذلك بخلاف عصا موسى، فإنها انقلبت ثعبانًا مبينًا خرقًا للعادة، وإظهارًا للمعجزة" (٤).

الثاني: أن السحر له حقيقة، وعليه عامة العلماء، وهو الذي تؤيده الأدلة.

قال المازري: "أهل السنة وجمهور العلماء من الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقائق غيره من الأشياء الثابتة، خلافًا لمن أنكره ونفى حقيقته، وأضاف ما يتفق منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها، وقد ذكره الله سبحانه في كتابه العزيز، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما يشير إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق بين المرء وزوجه، وهذا كله مما لا يمكن أن يكون فيما لاحقيقة له، وكيف يتعلم ما لا حقيقة له؟ " (٥).

وهو الذي عليه القرطبي إذ بيَّن أن أكثره تخيلات لا حقيقة لها، فيفهم أن منه ما له حقيقة، وهذا هو الصحيح من كلام أهل العلم، وأن منه خيالات ومنه حقائق. وأما هل السحر له تأثير أم لا؟ هذا يبنى على القول


(١) فتح الباري (١٠/ ٢٣٥).
(٢) سورة طه، الآية: ٦٦.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١١٦.
(٤) المفهم (٥/ ٥٦٩).
(٥) المعلم (٣/ ٩٣).

<<  <   >  >>