للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به. وإن قال: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام قيل له: والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة، أو دفع مضرة، فإن قلت: هذه إرادة المخلوق. قيل لك: وهذا غضب المخلوق" (١).

وقال ابن أبي العز الحنفي (٢) في صفتي الرضا والغضب: "ولا يقال إن الرضا إرادة الإحسان، والغضب إرادة الانتقام، فإن هذا نفي للصفة، وقد اتفق أهل السنة على أن الله يأمر بما يحبه ويرضاه، وإن كان لا يريده ولا يشاؤه، وينهى عما يسخطه ويكرهه ويبغضه ويغضب على فاعله، وإن كان قد شاءه وأراده، فقد يحب عندهم ويرضى ما لا يريده ويكره ويسخط ويغضب لما أراده.

ويقال لمن تأول الغضب والرضا بإرادة الانتقام أو بإرادة الإحسان: لم تأولت ذلك؟ فلابد أن يقول: إن الغضب غليان دم القلب والرضى الميل والشهوة، وذلك لا يليق بالله تعالى. فيقال له: غليان دم القلب في الآدمي أمر ينشأ عن صفة الغضب لا أنه الغضب" (٣).

وقال أيضًا: "ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضا والعداوة والولاية والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بها" (٤).


(١) التدمرية لابن تيمية ص (٣١).
(٢) هو علي بن علي بن محمد الأذرعي الدمشقي الحنفي المعروف بابن أبي العز تولى قضاء الحنفية بدمشق وكان إمامًا داعية إلى أتباع المنهج السلفي ناله على ذلك أذى فصبر واحتسب توفي سنة (٧٩٢ هـ). الدرر الكامنة (٣/ ٨٧). معجم المؤلفين (٢/ ٤٨٠)
(٣) شرح الطحاوية (٢/ ٦٨٥، ٦٨٦).
(٤) المرجع السابق.

<<  <   >  >>