للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعصية، وتخلص من أسر الشيطان، ومن المهلكة التي أشرف عليها، فأقبل الله تعالى عليه برحمته ومغفرته، وبادر إلى ذلك مبادرة هذا الذي قد انتهى به الفرح واستفزَّه السرور إلى أن نطق بالمحال ولم يشعر به لشدة سروره وفرحه، وإلَّا فالفرح الذي هو من صفاتنا محال على الله تعالى؛ لأنه اهتزاز وطرب يجده الإنسان من نفسه عند ظفره بغرض يستكمل به الإنسان نقصه، ويسد به خلته، أو يدفع عن نفسه ضررًا أو نقصًا، وكل ذلك محال على الله تعالى، فإنه الكامل بذاته الغني بوجوده الذي لا يلحقه نقص، ولا قصوره، لكن هذا الفرح عندنا له ثمرة وفائدة، وهو الإقبال على الشيء المفروح به، وإحلاله المحل الأعلى، وهذا هو الذي يصح في حقه تعالى فعبر عن ثمرة الفرح على طريقة العرب في تسميتها الشيء باسم ما جاوره، أو كان منه بسبب" (١).

وهذا الذي ذكر أنه محال على الله هو تشبيه صفات الله تعالى بصفات المخلوقين، ولا يلزم من إثبات الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة لله تعالى مشابهة لخلقه، كما قال ذلك علماء السنة، فهو سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٢).

قال الشيخ محمد خليل هراس: "وإذا كان الفرح في المخلوق على أنواع، فقد يكون فرح خفة وسرور وطرب، وقد يكون فرح أشرٍ وبطرٍ، فالله عز وجل منزه عن ذلك كله، ففرحه لا يشبه فرح أحد من خلقه، لا في ذاته ولا في أسبابه، ولا في غاياته، فسببه كمال رحمته وإحسانه التي يحب من عباده أن يتعرضوا لها، وغايته إتمام نعمته على التائبين


(١) المفهم (٧/ ٧١).
(٢) سورة الشورى، آية: ١١.

<<  <   >  >>