للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفرد دخل عليه الألف واللام، وهي محتملة للعهد والجنس، وهي ههنا للعهد؛ لأن الأرض التي يخاطبون بها ويخبرون عن الكون فيها هي أرض العرب وما جرت عادتهم بالتصرف إليها، وفيها غالبًا دون أرض يأجوج ومأجوج، وأقاصي جزائر الهند والسند مما لا يقرع السمع اسمه، ولا يعلم علمه، ولا جواب عن حديث الدجال، وعلى الجملة: فمن يستدل في المباحث القطعية بمثل هذا العموم فليس لكلامه حاصل ولا مفهوم" (١).

والصحيح ما عليه جمهور العلماء من أنه قد مات كغيره من الناس، ولم يخص بالخلود في الحياة، والأدلة على ذلك كثيرة، منها:

- ظاهر عموم قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤)} [الأنبياء: ٣٤] (٢).

- ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه في معركة بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" (٣) فلو كان الخضر حيًّا لعبد الله تعالى مع هلاك هذه العصابة.

- ومنها إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأنه على رأس مائة سنة، من الليلة التي تكلم فيها بالحديث، لن يبقى على وجه الأرض أحد، ممن هو عليها تلك الليلة (٤). فلو كان الخضر حيًّا في الأرض لما تأخر بعد المائة المذكورة.

- ومنها أنه لو فرض وجود الخضر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان من أتباعه ولنصره، وقاتل معه؛ لأنه مبعوث إلى الثقلين الإنس والجن، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي


(١) المفهم (٦/ ٤٩٠).
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٣٤.
(٣) رواه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر ح ١٧٦٣ (١٢/ ٣٢٧).
(٤) سبق تخريجه ص (٦٥٥).

<<  <   >  >>