للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويسمع ويطيع له في السر والجهر، ولا يعتقد خلافًا لذلك فإن أضمره، فمات مات ميتة جاهلية؛ لأنه لم يجعل في عنقه بيعة" (١).

ومن شروط البيعة أن تكون لإمام واحد فلا تنعقد لإمامين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما" (٢) وقال: "فوا ببيعة الأول فالأول" (٣).

قال القرطبي في شرحه لهذا الحديث: "هذا دليل على وجوب الوفاء ببيعة الأول وسكت في هذا الحديث عما يحكم به على الآخر، وقد نص عليه في الحديث الآتي حيث قال: "فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر" (٤) وفي رواية: "فاضربوه بالسيف كائنًا من كان" وهذا الحكم مجمع عليه عند تقارب الأقطار، وإمكان استقلال واحد بأمور المسلمين وضبطها فأما لو تباعدت الأقطار وخيف ضيعة البعيد من المسلمين، ولم يتمكن الواحد من ضبط أمور من بَعُدَ عنه فقد ذكر بعض الأصوليين: أنهم يقيمون لأنفسهم واليًا يدبرهم ويستقل بأمورهم ... قلت: ويمكن أن يقال: إنهم يقيمون من يدبر أمورهم على جهة النيابة عن الإمام الأعظم، لا أنهم يخلعون الإمام المتقدم حكمًا، ويولون هذا بنفسه مستقلًا، هذا ما لا يوجد نصًّا عن أحد ممن يعتبر قوله. والذي يمكن أن يفعل مثل هذا إذا تعذر الوصول إلى الإمام الأعظم أن يقيموا لأنفسهم من يدبرهم، ممن


(١) المفهم (٤/ ٤٤).
(٢) رواه مسلم في كتاب الإمارة باب إذا بويع لخليفتين ح ١٨٥٣ (١٢/ ٤٨٤).
(٣) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل ح ٣٤٥٥ (٦/ ٥٧١)، ومسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول ح ١٨٤٢ (١٢/ ٤٧٣).
(٤) رواه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول ح ١٨٤٤ (١٢/ ٤٧٤).

<<  <   >  >>