للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتطهرين، ومحبته سبحانه لعبده المؤمن شيء فوق إنعامه وإحسانه وإثابته، فإن هذا أثر المحبة وموجبها، أما هي فأعظم من ذلك، وأشرف، وهي التي يتسابق إليها الموفقون من عباد الله الصالحين" (١).

قال ابن تيمية: "قد أجمع سلف الأمة وأئمتها على إثبات محبة الله لعباده المؤمنين ومحبتهم له، وهذا أصل دين الخليل إمام الحنفاء عليه السلام" (٢).

وقد رد الشيخ ابن باز -رحمه الله- على من يفسر المحبة بإرادة الثواب فقال: "هذا من التأويل الباطل والحق ما عليه أهل السنة أن معنى المحبة غير معنى الإرادة، والله سبحانه موصوف بها على الوجه الذي يليق بجلاله، ومحبته لا تشابه محبة خلقه، كما أن إرادته لا تشابه إرادة خلقه، وهكذا سائر صفاته، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (٣) " (٤).

وتأويلهم هذا بزعم التنزيه لاعتقادهم أن في إثباتها تشبيهًا لله تعالى بخلقه، وهذا باطل؛ لأننا إذا أثبتناها فنحن نقول محبة تليق به سبحانه لا تشبه محبة المخلوقين.

وأما نفي هذه الصفة بزعم أن العقل لا يثبتها فقد رد هذا الشيخ ابن عثيمين فقال: "أما أهل البدع الذين أنكروها فليس عندهم إلَّا حجة واهية، فهم يقولون: إن العقل لا يدل عليها، ولو سلمنا أن العقل لا يدل على المحبة، فالسمع دل عليها، وهو دليل قائم بنفسه، ونحن يجب أن


(١) انظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (١/ ٦٥).
(٢) الفتاوى (٢/ ٣٥٤).
(٣) سورة الشورى، آية: ١١.
(٤) فتح الباري (١/ ١٢٦) الهامش.

<<  <   >  >>