للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)} (١) فأخبر سبحانه عن النفس وما فعل فيها، وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في كتاب مسلم: "كل شيء بقدر حتى العَجْز والكَيْس" مطابقٌ أيضًا لقول الأشعرية في هذا، وكذلك قوله: "جاء قوم مشركون يخاصمون النبي -صلى الله عليه وسلم- في القدر فنزل: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} إلى قوله عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} (٢) " (٣) وهكذا الأحاديث كلها مطابقة لقول أهل الحق" (٤).

ويتبين متابعة المازري والقرطبي للأشاعرة في القدر، والذي يميل إلى مذهب الجبر من خلال الحديث عن المسائل المتعلقة بالقدر، كأفعال العباد، والتحسين والتقبيح العقليين، وتكليف ما لا يطاق وغيرها من المسائل. وإلَّا فالأشاعرة يوافقون أهل السنة في الإيمان بمراتب القدر الأربع التي هي:

- الإيمان بعلم الله الأزلي: إذ علم سبحانه ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} (٥).

- والإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق فما من شيء في الكون إلَّا وقد علمه سبحانه، وكتبه قبل حدوثه، كما قال تعالى: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ


(١) سورة الشمس، الآية: ٨.
(٢) سورة القمر، الآية: ٤٩.
(٣) سبق تخريجه ص (٢٢٣).
(٤) المعلم (٣/ ١٧٦).
(٥) سورة الحج، الآية: ٧٠.

<<  <   >  >>