للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مؤثرة؟ وقع فيها الخلاف بين الطوائف إلى حدٍ كبيبر (١).

والأقوال في القدر ترجع إلى ثلاثة أقوال:

الأول: قول أهل الجبر الذين يقولون إن الإنسان مجبور على أفعاله، وليس له إرادة ولا قدرة، وهو مذهب الجهمية ومن وافقهم.

الثاني: قول القدرية الذين قالوا إن الإنسان هو الذي يخلق أفعاله من غير إرادة الله تعالى أو علمه، ويمثل هذا المذهب المعتزلة ومن وافقهم.

الثالث: من توسط فأثبت القدر وأن الله خالق كل شيء، وأن للإنسان مع ذلك إرادة ومشيئة، ولكنه خاضعة لمشيئة الله تعالى، كما أن للإنسان قدرة يفعل بها الفعل، ولكنه هو وأفعاله مخلوق لله تعالى، وهذا هو مذهب السلف.

وبين هذه الطوائف الثلاث ظهرت فرق تميل في بعض المسائل إلى طائفة، وفي المسائل الأخرى إلى طائفة ثانية، ويكون الحكم عليها حسب ما يغلب على مذهبها، فقد يقال: إنها مائلة إلى مذهب الجبر، أو إلى مذهب السلف، أو إلى مذهب القدرية، ومن أشهر هذه الطوائف طائفة الأشعرية، حيث يغلب عليهم مخالفة المعتزلة، والميل إلى مذهب الجبرية، وإن لم يصلوا إلى حد موافقة الجهم (٢) في أقواله (٣). فغلوهم في مخالفة المعتزلة أوصلهم إلى موافقة الجبرية في بعض مسائل القدر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن الأشعرية وبعض المثبتين للقدر


(١) موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٣/ ١٣٣٠).
(٢) الجهم بن صفوان الراسبي السمرقندي أبو محرز رأس الضلالة وإمام الجهمية أجمع السلف على ذمه لما زرع من الشر والفساد بأقواله قتل سنة (١٢٨ هـ). سير أعلام النبلاء (٦/ ٢٦). البداية والنهاية (١٠/ ٢٨).
(٣) موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٣/ ١٣٠٨).

<<  <   >  >>