للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي عند شرحه لهذا الحديث: اختلف العلماء في تقليد البعير وغيره من الحيوان والإنسان ما ليس بتعاويذ قرآنية مخافة العين، فمنهم من نهى عنه ومنعه قبل الحاجة وأجازه عند الحاجة إليه، ومنهم من أجازه قبل الحاجة وبعدها كما يجوز الاستظهار بالتداوي قبل حلول المرض" (١).

وقال المازري: "الظاهر من مذهب مالك قصر النهي على الوتر خاصة وأجازه ابن القاسم بغير الوتر، وقال بعض أصحابنا فيمن قلد بعيره شيئًا ملونًا فيه خرز قال: إن كان للجمال فلا بأس به، وقد اختلف الناس في تقليد البعير وغيره من الحيوان والإنسان أيضًا ما ليس بتعاويذ قرآنية مخافة العين فمنهم من نهى عنه ومنعه قبل الحاجة إليه وأجازه عند الحاجة إليه لنفي ما أصابه من ضرر العين وشبهه ومنهم من أجازه قبل الحاجة وبعدها كما يجوز الاستظهار بالتداوي قبل حلول المرض" (٢).

فأقول: إن أرادوا بغير التعاويذ القرآنية ما جاء من الأذكار النبوية فالخلاف فيه صحيح كما سنذكره.

وأما إن أرادوا ما ليس بتعاويذ قرآنية ممَّا تفعله الجاهلية من تعليق لأسماء الملائكة أو الجن أو ما فيه طلاسم غير معروفة أو ما ليس فيه كتابة كقطعة جلد أو نحاس فهذا لا شك في حرمته والمنع منه وهو شرك أكبر إن اعتقد المعلق أنه ينفعه ويدفع عنه الضر، وأما إن اعتقد أنه سبب، وأن النافع الضار هو الله وحده، فهذا شرك أصغر؛ لأنه اعتقد ما ليس بسبب سببًا (٣).


(١) المفهم (٥/ ٤٣٦).
(٢) المعلم (٣/ ٨١).
(٣) انظر التمائم في ميزان العقيدة للدكتور علي العلياني ص (١٩، ٢٠).

<<  <   >  >>