للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن نوعه بالكذب والتحريف كذَّبناه" (١).

فالقرطبي بيَّن موقفه هنا من نصوص الصفات -الموهمة للتشبيه بزعمه- وهو: إما التكذيب -إن لم يكن نصًّا شرعيًّا- أو التأويل أو التوقف عند وضوح النص الشرعي.

وقد قال في موضع آخر: كل ما أطلق على الله تعالى مما يدل على الجوارح والأعضاء كالأعين والأيدي والجنب، والأصبع وغير ذلك، مما يلزم من ظاهره التجسيم الذي تدل العقول على استحالته فهي كلها متأولة في حقه تعالى لاستحالة حملها على ظواهرها" (٢).

وبين أن منهجه هذا تبعًا للمتكلمين حيث قال: "التحقيق أن يقال: الله ورسوله أعلم، والتسليم الذي كان عليه السلف أسلم (٣)، لكن مع القطع بأن هذه الظواهر الواردة في الكتاب والسنة الموهمة للتجسيم والتشبيه يستحيل حملها على ظواهرها لما يعارضها من ظواهر أُخر كما قرره أئمتنا في كتبهم ولما دل العقل الصريح عليه" (٤).

ومع تأويل القرطبي لعامة نصوص الصفات، إلَّا أنه تردد في بعضها بين التفويض والتأويل منها قوله: "اعلم أن الناس قد أكثروا في تأويلات


(١) المفهم (٧/ ٣٩٠) أراد بقوله: "أخبرنا الصادق عن نوعه بالكذب". اليهود لأنَّ الذي حاور الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث من اليهود ولكن هذا التكذيب ليس له وجه، لأنَّ هذا الحديث جاءنا عن غير طريق هذا اليهودي إذ جاءنا عن طريق الثقات الأثبات ونقلوا إقرار الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتعجبه من حديثه وضحكه تصديقًا له وسيأتي الرد عليه في ما ذهب إليه في صفة الأصابع ص (٤٣١).
(٢) المفهم (٣/ ٣٧).
(٣) هذا هو التفويض وليس من مذهب السلف بل مذهب السلف الإيمان بالصفات كما جاءت وتفويض كيفيتها انظر: ص (٣٥٧).
(٤) المفهم (١/ ٤١٩).

<<  <   >  >>