للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال مرعي الكرمي رحمه الله (١): "ويجد الناظر في النصوص الواردة عن الله ورسوله في ذلك نصوصًا تشير إلى حقائق هذه المعاني، ويجد الرسول تارة قد صرَّح بها مخبرًا بها عن ربه واصفًا له بها، ومن المعلوم أنه -عليه السلام- كان يحضر في مجلسه الشريف: العالم والجاهل، والذكي والبليد، والأعرابي الجافي، ثم لا يجد شيئًا يعقب تلك النصوص مما يصرفها عن حقائقها، لا نصًّا ولا ظاهرًا، كما تأولها بعض هؤلاء المتكلمين، ولم ينقل عنه -عليه السلام- بأنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لربه من الفوقية واليدين، ونحو ذلك، ولا نقل عنه أن لهذه الصفات معاني أخرى باطنة غير ما يظهر من مدلولها .. ولم يقل الرسول ولا أحد من سلف الأمة يومًا من الدهر: هذه الآيات والأحاديث لا تعتقدوا ما دلت عليه وكيف يجوز على الله ورسوله والسلف أن يتكلموا دائمًا بما هو نصٌّ أو ظاهرٌ في خلاف الحق، ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يتكلمون به، ولا يدلون عليه" (٢).

وهم بتأويلهم هذا نفوا ما ذكره الله وأثبتوا ما لم يذكره فوقعوا في خطأين، قال ابن الوزير (٣): "فاعلم أن منشأ معظم البدع يرجع إلى أمرين واضح بطلانهما فتأمل ذلك بإنصاف وشد عليه يديك، وهذان الأمران الباطلان هما: الزيادة في الدين بإثبات ما لم يذكره الله تعالى ورسله -عليهم السلام- من مهمات الدين الواجبة، والنقص منه بنفي بعض ما


(١) مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي محدث فقيه مؤرخ تنقل بين عدَّة بلدان واستقر أخيرًا بمصر وفيها توفي بعد أن أصبح من أكابر علماء الحنابلة فيها توفي سنة (١٠٣٣ هـ) معجم المؤلفين (٣/ ٨٤٢)، الأعلام.
(٢) أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات للكرمي ص (٨٥).
(٣) محمد بن إبراهيم المرتضي اليماني الشهير بابن الوزير إمام حافظ، له عدَّة مصنفات منها: "العواصم في الذب عن سنة أبي القاسم" توفي في صنعاء سنة (٨٤٠ هـ).

<<  <   >  >>