للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى التي نفوها مما يختص بالمخلوقين، فظنوا أن صفات الله تعالى إذا كانت حقيقة لزم أن يكون الرب مماثلًا للمخلوقين وأن صفاته مماثلة لصفاتهم (١). قال ابن تيمية: "لكن نعلم أن كثيرًا ممن ينفي ذلك لا يعلم لوازم قوله بل كثير منهم يتوهم أن الحقيقة ليست إلَّا محض حقائق المخلوقين، وهؤلاء جهال بمسمى الحقيقة والمجاز، وقولهم افتراء على اللغة والشرع، وإلَّا فقد يكون المعنى الذي يقصد به نفي الحقيقة نفي مماثلة صفات الرب سبحانه لصفات المخلوقين قيل له: أحسنت في نفي هذا المعنى الفاسد، ولكن أخطأت في ظنك أن هذا هو حقيقة ما وصف الله به نفسه" (٢).

وقد ردَّ شيخ الإسلام على الأشاعرة -المثبتة لبعض الصفات دون بعض- بقولهم هذا بأصلين:

أحدهما: أن يقال: القول في بعض الصفات كالقول في بعض، فإن كان المخاطب ممن يقر بأن الله حي بحياة عليم بعلم قدير بقدرة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، مريد بإرادة، ويجعل ذلك كله حقيقة، وينازع في محبته ورضاه، وغضبه وكراهيته، فيجعل ذلك مجازًا، ويفسره إما بالإرادة، وإما ببعض المخلوقات من النعم والعقوبات.

قيل له: لا فرق بين ما نفيته وما أثبته، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر، فإن قلت: إن إرادته مثل إرادة المخلوقين؛ فكذلك محبته ورضاه وغضبه، وهذا هو التمثيل، وإن قلت: له إرادة تليق به كما أن


(١) انظر: اللمع للأشعري ص (٢٠) والتبصير في الدين الأسفراييني ص (٩٤) والعقيدة النظامية لعبد الملك الجويني ص (٢١).
(٢) الفتاوى (٢٠/ ٢١٨).

<<  <   >  >>